تحذيرات جمة أطلقها عدد من المحللين من عواقب زيادة القروض المُقدمة من البنوك وشركات التمويل للفئات المتوسطة ومحدودة الدخل في المغرب خلال الأعوام الاخيرة تخوفاً من عدم القدرة على السداد خاصة في ظل شبح التضخم الذي بدأ يخيم على المغرب واضطرار البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة.
يأتي ذلك في الوقت الذي رفع بنك المغرب (المركزي) مطلع الأسبوع سعر الفائدة القياسي ربع نقطة مئوية إلى 3.5 % فيما عزاه إلى مخاوف بشأن التضخم وقال البنك إن معدل التضخم السنوي سجل 4.8 % في أغسطس مقابل 5.1 % في يوليو و4.7 % في يونيو
وتفيد تقارير رسمية أن القيمة الإجمالية للقروض الشخصية في المغرب ارتفعت من خمسة مليارات درهم في العام 1995 إلى 30 مليار درهم في 2007 وارتفعت مستوى التخلف عن أداء مستحقات الديون من 2.97 مليار درهم في 2004 إلى 4.2 مليارات درهم في 2006.
وينتقد المحللون تشجيع البنوك الكبير لعملائها على الاقتراض دون توعيتهم بالمخاطر في ظل الغياب شبه التام لجمعيات حماية المستهلك في المغرب.
ويقول لحسن الداودي المحلل الاقتصادي والقيادي في حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض «احتياطي البنوك كبير جدا ولوضعها كودائع هذا مكلف جدا بالنسبة لها لذلك قامت بعمليات تسويق خطيرة جدا وصلت إلى جميع شرائح المجتمع».
وأشار إلى أن الاقتراض يعد أمراً اضطرارياً كما أن البنوك استغلت غياب مؤسسات حماية المستهلك في المغرب إضافة إلى المستوى الذي وصلت إليه الامور يهدد استقرار المؤسسات البنكية لأنه لا يمكن أن تكون الوتيرة تصاعدية إلى ما لا نهاية.
وأوضح أن المواطن العادي وصل إلى حد لا يمكن معه الاقتراض خاصة وأن حوالي 20 % من القروض هي فائدة متحركة ومع دخولنا في منطق التضخم ومنطق الزيادة في نسبة الفائدة فهذا يؤدي إلى تقليص قدرة المقترض عن الأداء لأن الأداءات سترتفع في السنوات المقبلة».
وأفاد تقرير سابق لبنك المغرب بأن القروض الاستهلاكية المقدمة من البنوك ارتفعت بنسبة 43 % بين عامي 2006 و2007 لتصل إلى أكثر من 49 مليار درهم أي بما يعادل 11 % من مجموع القروض المصرفية في حين بلغت قروض شركات القروض الاستهلاكية أكثر من 33 مليار درهم مسجلة زيادة قدرها 17 %.
وكشف التقريرعن استمرار تضخم ديون الاسر بحيث بلغت مديونيتها الناجمة عن قروض الاستهلاك والقروض الخاصة بالسكن ما مجموعه 120 مليار درهم أي 28 % من مجموع القروض المقدمة والتي بلغت 422 مليار درهم.
وقال المحلل الاقتصادي إدريس بن أن المشكلة في كون الطبقة الوسطى تجد القروض سهلة بينما لا تزيد الأجور.
وأضاف أن المشكل أننا لا نعيش في مجتمع استهلاكي فالأجور تتقوي مع الإنتاجية أما المغرب فلا يمكن أن يزيد في الأجور في ظل إنتاجية منخفضة وإلا ستحدث الأزمة وتتجه الدولة إلى تعزيز دور الطبقة الوسطى لضبط التوازن داخل المجتمع المغربي.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس أكد في خطاب في يوليو الماضي على ضرورة أن يكون الهدف الاستراتيجي لكل السياسات العمومية هو توسيع الطبقة الوسطى لتشكل القاعدة العريضة وعماد الاستقرار والقوة المحركة للإنتاج والإبداع.
ويقصد بالتمويل البديل المنتجات الإسلامية التي أطلقها المغرب العام الماضي ويرفض تسميتها بالإسلامية وتقوم هذه الأدوات المالية على منتجات الإجارة وعقود المرابحة والمشاركة. لكنها شهدت تعثراً مع انطلاقها بسبب ارتفاع أسعارها مقارنة بالمنتجات التقليدية ويواصل الإسلاميون في المعارضة ضغطهم لتطوير خدمات التمويل الإسلامي.
ومما يزيد قلق المحللين الأزمة المالية الأميركية الحالية التي يقلل المسؤولون المغاربة من حجم تداعياتها على الاقتصاد المغربي بسبب عدم ارتباط قطاع البنوك المغربي بنظيره الأميركي لكن المحللين يرون أن اندماج الاقتصاد المغربي في العولمة من شأنه أن تكون له تبعات سلبية. مما يجعل أنه لا بد أن يأخذ قانون المالية للعام المقبل بعين الاعتبار الأزمة العالمية التي قلل المسؤولون من خطورتها على الاقتصاد المغربي لكنها قد تطاله حيث ممكن أن تعرض قطاعات السياحة والاستثمار والصادرات إلى أضرار